{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ}، وقرأ الباقون بتاء المخاطبة (١)، وهو وعدٌ ووعيدٌ على ما مر مرَّات.
* * *
(١٨١) - {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}.
قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}:
اتصالها بما قبلها: أنه تعالى وصف اليهود في الآية الأولى بالبخل، وفي هذه الآية بقولٍ هو أسوأُ من ذلك.
قال قتادة: لمَّا نزل قوله تعالى (٢): {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} الآية البقرة: ٢٤٥ قالت اليهود: إنما يَستقرض الفقير من الغني، فنزلت الآية (٣).
وقال الكلبيُّ والضحاكُ والسديُّ: قال ذلك فنحاصُ بن عازوراء اليهوديُّ من بني مَرثدٍ -وقيل: من بني قينقاع- قال له أبو بكر الصدِّيق رضي اللَّه عنه: يا فنحاص، آمِنْ باللَّه وحده، وآمِنْ برسوله، وأقمِ الصلاة، وآتِ الزكاة، وأْمُرْ بالمعروف، وانْهَ عن المنكر، وأَقْرِض اللَّه قرضًا حسنًا، يُدخِلْك الجنة، فقال: لئن (٤) كنتَ صادقًا أنَّ اللَّه يستقرضُنا إنَّ اللَّه إذًا لفقيرٌ ونحن أغنياء، فلطم أبو بكر الصدِّيقُ رضي اللَّه عنه وجهَه وقال: لولا الذي بيننا وبينكم من العهد لضربتُ عنقك، فذهب اليهودي إلى النبيِّ
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٢٠)، و"التيسير" (ص: ٩٢).
(٢) في (ف) و (أ): "لما نزلت".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٢٨٠). ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٤٦٠) و (٣/ ٨٢٨)، والضياء في "المختارة" (١٠/ ١١٢ - ١١٣)، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. رواه الطبري أيضًا في "تفسيره" (٦/ ٢٧٩ - ٢٨١) عن مجاهد والحسن وابن زيد.
(٤) في (ر): "قال لئن" وفي (ف): "فقال إن".