(١٩٤) - {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.
قوله تعالى: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ}: أي: على ألسنةِ رسلك، هذا (١) مضمرٌ، وهو سائغ في اللغة؛ أي: قد وَعدْتَ على ألسنتهم أنَّ مَن مات بَرًّا أَعْزَزْتَه بالثواب ولم تُخْزِه بالعقاب، فأعطنا ذلك.
وقيل: معنى قوله: {عَلَى رُسُلِكَ}؛ أي: ما جعلته على رسلك من الشفاعة ومن استغفارهم للمؤمنين والمؤمنات، قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} محمد: ١٩، وقال نوح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} نوح: ٢٨ وقال إبراهيم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٢).
وقوله تعالى: {وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: أي: فقد وعدْتَ ذلك بقولك: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} التحريم: ٨، وقد فسَّرنا الخزيَ في قوله تعالى: {فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} آل عمران: ١٩٢.
وقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}: فإن قالوا: لمَّا وعد ذلك وهو لا يخلفُه، فما معنى السؤال؟
قال الإمام أبو منصور: جوابه من وجوه:
أحدهما: أنه (٣) وعَدَ ذلك وأمَر بالسؤال؛ كما قال: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا}.
والثاني: أن وعد الاستغفار من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مع استغفارٍ يوجد من المذنِب؛
(١) في (ر): "هنا".
(٢) في (أ): "وقال إبراهيم رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات"، وليست في باقي النسخ، والصواب المثبت.
(٣) "أنه" ليس من (أ).