وقوله تعالى: {وَصَابِرُوا}: أي: أعداءَ اللَّه في القتال، فاثْبُتوا ولا تتولَّوا، والمصابرةُ بين الاثنين والجمع.
وقوله تعالى: {وَرَابِطُوا}: أي: كونوا في الثغور رابطين خيولَكم مستعدِّين للقتال، والمرابطة بين الاثنين والجمع؛ أي: يربطُ (١) هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم على المقابلة استعدادًا للمقاتَلة (٢).
وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}: أي: في جميع أوامره ونواهيهِ، فليس عليكم الجهادُ فحسب.
وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}: أي: لتُفلحوا، ولرجاءِ أن تُفلحوا، والفلاح: الأمن من كلِّ ما يُخاف، والوصول إلى كلِّ ما يُرام.
والصبر: هو حبسُ النفس عمَّا لا يرضاه اللَّه تعالى على ما يرضاه.
وأوَّله: التَّصبُّر: وهو التكلُّف لذلك، ثم المصابرةُ: وهي معارضةُ ما يمنعه عن ذلك، ثم الاصطبارُ: وهو الاعتياد (٣) والالتزام، ثم الصبر: وهو كماله وحصولُه من غير كُلفة.
وقال أبو سلمةَ بن عبد الرحمن في قوله تعالى: {وَرَابِطُوا}: لم يكن في زمن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المرابطةُ في الثغور، وإنما هذا الأمر هو (٤) بانتظارِ الصلاة بعد الصلاة (٥).
(١) في (ر): "أي بربط"، وفي (ف): "أن يربط".
(٢) في هامش (أ): " {وَصَابِرُوا}؛ أي: غالبوا الكفار بالصبر فلا يكونوا أشد صبرًا منكم {وَرَابِطُوا}؛ أي: أقيموا واثبتوا في الثغور رابطين خيولكم، وأصل الربط الشد، ويستعمل لكل مقيم في ثغر يدفع عمن وراءه وإن لم يكن ثمة خيل".
(٣) في (ف): "ثم الاصطبار والاعتبار".
(٤) "هو" ليس من (ف).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٣٣٤)، وابن المنذر في "تفسيره" (١٢٩٦).