وجهٍ لا يريد به الإصلاحَ، فقد قال: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} البقرة: ٢٢٠ لكن قال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} البقرة: ٢٢٠، وقد فسَّرنا تلك الآية في موضعها.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}: أي: إن الأكل، ودلَّ عليه قولُه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا}.
{كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}؛ أي: إثمًا عظيمًا، وكذلك الحابُ والحَوْبُ والحَوْبةُ، وقد حاب يَحُوبُ؛ أي: أَثِمَ، وتَحَوَّبَ؛ أي: تحرَّز عن الإثم، ونظيرُه: تَأثَّم وتَحرَّج وتَحنَّث، هو التحرُّز عن الإثم والحَرَج والحِنْث.
وقيل في نزولها: إن امرأة توفِّي عنها زوجُها وترك بناتٍ صغارًا (١) ومالًا، واستولى ابن عمِّهنَّ على المال، فجاءت المرأة إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقالت: إنما يُرغب في البنات للمال أو للجمال (٢)، ولا جمال لبناتي وقد أخذ مالَهن ابنُ عمِّهن فإما أن يردَّ مالهن أو يضمَّهنَّ إلى نفسه فيَعُولَهنَّ، فنزلت هذه الآية.
* * *
(٣) - {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}.
قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}؛ أي: ألَّا تعدلوا.
والقسطُ: العدلُ، وقد أقسط إقساطًا: إذا عدل؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} المائدة: ٤٢، وقسط قسوطًا؛ أي: جار، قال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} الجن: ١٥.
(١) في (أ): "صغائر".
(٢) في (أ): "للجمال أو المال".