وهذا كلُّه تنبيهٌ على الاحتراز مِن مكائد الشيطان في الإيقاع فيما لا يحلُّ، وهي (١) رحمةٌ مِن اللَّه تعالى لنا، ورأفةٌ بنا، وله الحمد.
ويَروي معنى هذا الزُّهريُّ عن عروةَ عن عائشةَ رضي اللَّه تعالى عنها (٢).
والثَّاني: أنَّ قريشًا كان يتزوَّجُ الرَّجلُ منهم العشرَ مِن النِّساء والأكثر، فإذا لم يكن معه مالٌ (٣) صرفَ مالَ اليتيم الذي في حِجره إلى صداقهنَّ، فنُهوا عن ذلك، وقُصِروا على الأربع، وعند الخوف على الواحدة، ثم التَّسرِّي.
ومعنى الآية على هذا: فإن خفتم ألَّا تقسطوا في أموال اليتامى فاقتصروا على نكاح الأربع، فإن عجزتم عن ذلك فواحدة، أو الأمة بالتَّسري. وهذا يرويه طاوسٌ عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما (٤).
والثالث: أنهم كانوا يتوسَّعون في عدد المنكوحات بما يقعون به في الجَور، ويتحرَّزون عن الجَور في أموال اليتامى، فقيل لهم: كما تخافون في ذلك فخافوا في هذا. وهذا قولُ كثيرٍ مِن المفسِّرين؛ قتادة وسعيد بن جبير والضَّحَّاك والسُّدي وغيرهم (٥).
والرابع: كما خفتم في اليتامى إذا وُلِّيتم أموالهم وتحرَّزتم عن أكل أموالهم إيمانًا وتصديقًا، فكذلك فتحرَّزوا عن الزِّنى، وانكحوا ما أحلَّ اللَّه لكم. وهذا قول مجاهد (٦).
(١) في (أ): "وهو".
(٢) رواه البخاري (٢٤٩٤)، ومسلم (٣٠١٨).
(٣) في (أ): "فإذا كان عدمًا" وفي (ف): "فإذا كان معدمًا".
(٤) رواه أبو عبيد في "غريب الحديث" (٤/ ٢٢٩)، والطبري في "تفسيره" (٦/ ٣٦٥)، وابن المنذر في "تفسيره" (١٣٢٧).
(٥) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (٦/ ٣٦٣ - ٣٦٥).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٣٦٦)، وابن المنذر في "تفسيره" (١٣٢٥).