والخامس: أنَّ الرَّجل كان يلي اليتيمةَ من قرابته، ولعلها شريكةٌ له بمالها، فلا تطيبُ نفسُه بتزويجها مِن غيره خشيةَ مزاحمتِه إيَّاه في المال المشترَك بينهما، ويرغب أن ينكحها (١) بنفسه لدمامتها أو غير ذلك، فأُمروا إن خافوا أن لا يعدلوا فيهنَّ إذا تزوجوهنَّ أن ينكحوا من الأجنبيات ما أحلَّ اللَّه لهم، ولا يعضلوهنَّ فيتزوجَهُنَّ غيرهم. وهذا يرويه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه عنها (٢).
والسادس: قولُ الضَّحَّاك، قال: سألوا عن أمر (٣) اليتامى، وتركوا ذكر النساء، فنزلت الآية (٤): فإن خفتم في أمر اليتامى فما لكم لا تسألون عن أمر النِّساء (٥).
قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} منصوبات بالترجمة عن {مَا}، ولا تنوينَ فيهنَّ لأنَّها غيرُ منصرفة، فإنَّها معدولة عن اثنين وثلاثٍ وأربعٍ، ومعناه: اثنين اثنين وثلاثًا ثلاثًا وأربعًا أربعًا، ومع العدل فيها معنًى آخرُ، وهو وهم الألف واللَّام؛ لأنَّها كالمعارف، ولهذا لا إضافة فيها، فامتنع صرفُها لذلك.
وتعلَّقت الروافض -لعنهم اللَّه- بظاهرها لإباحة الجمع بين تسع نسوة، فإنَّه ذُكر بالواو لا بـ (أو)، وذلك للجمع.
لكنَّا نقول: هذا على البدل دون الجمع في حالةٍ واحدة؛ أي: فانكحوا مثنى، وانكحوا ثلاث، بدل: مثنى، وانكحوا رباع، بدل مثنى وثلاث.
(١) "أن ينكحها" مصدر مؤول مجرور بحرف الجر المقدر: (عن)؛ أي: ويرغب عن أن ينكحها؛ أي: عن نكاحها.
(٢) رواه البخاري (٥١٢٨)، ومسلم (٣٠١٨/ ٨).
(٣) في (ر): "عن أموال".
(٤) "الآية" ليس في (ف).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٣٦٥)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص: ٢٩١).