قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا}: أي: مجاوزةً عن الحدِّ، وليس فيه إباحةُ القليل وتحريمُ الإسراف، بل هو بيان أنَّه إسرافٌ.
وقيل: في قوله تعالى: {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} إباحةٌ للأكل من مال اليتيم لوصيِّه عند الحاجة، وهذا نهيٌ عن مجاوزة قَدْر الحاجة.
قوله تعالى: {وَبِدَارًا}: أي: مبادرةً، وهي المسارعة.
قوله تعالى: {أَنْ يَكْبَرُوا}: أي: أن يبلغوا؛ أي: لا تأكلوا وأنتم تبادرون بلوغَهم، وهو كقولك: بادرْتُ مجيءَ زيدٍ؛ أي: فعلتُه قبلَ مجيئِه، ومعناه: تأكلون قبل بلوغِهم واستردادِهم مالهم منكم.
ثم ليس هذا قصرُ التَّحريم على الإسراف وعلى مبادرة البلوغ دون غيرهما، بل هو ذكرُ غالب الحال، كما في قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} النور: ٣٣ ليس هو تحريم الإكراه على الزِّنى مقصورًا على حالِ إرادتهنَّ التَّعفُّف، بل هو ذكرُ غالب الحال، وهو في غير هذه (١) الحال كذلك.
قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}: أي: مَن كان مِن الأوصياء غيرَ محتاجٍ فليتحرَّز عن أكل مال اليتيم.
قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}: قال الشَّعبيُّ ومجاهدٌ ومقاتلٌ والضَّحَّاكُ وسعيدُ بن جبيرٍ: فليأكل منه قرضًا على نفسه يؤدِّيه (٢) إليه إذا بلغ (٣).
(١) في (ف) و (أ): "ذلك".
(٢) في (أ): "فليؤديه".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٤١٢ - ٤١٦) عن عمر وابن عباس -رضي اللَّه عنهم- وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيدة السلماني والحكم وأبي العالية وأبي وائل.