أي: إن الذين يُتلفون أموال اليتامى بالأكل وغيره من وجوه الإتلافِ -وخصَّ الأكل بالذِّكر لِمَا مرَّ أنَّه المقصود المعظَم بأخذ المال- إنَّما يأكلون في بطونهم ما (١) يصيرون به إلى التَّعذيب بنار جهنَّم.
وقوله: {ظُلْمًا} نصب للحال، وقيل: هو على وجه المصدر بغير لفظِه، وإنَّما قيَّد به لأنَّه إذا أكل منه بالمعروف عند الحاجة أو بما قدَّره له القاضي بقَدْر عمله فيه لم يعاقَب عليه.
قوله تعالى: {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}: أي: سوف يدخلون النَّار المسعورة؛ أي: الملتهِبة، ويقاسون حرَّها.
وقد صَلِيَ النَّارَ يَصْلاها من حدِّ علمَ؛ أي: دخلها وقاسى حرَّها.
وأصلاه غيره إصلاءً وصلَّاه تصلية للتَّعدية، وصَلَيْتُ اللَّحم أَصْلِيهِ من حدِّ ضَرَب: شوَيتُه، واصْطَلى بالنَّار؛ أي: استَدْفأ بها (٢).
قال مقاتل بن حيَّان: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ}؛ أي: يستحلُّون، نزلت في مَرثد بن زيد الغطفانيِّ، ولي مال ابن أخيه فأكله، فنزلت هذه الآية (٣).
وقال السُّديُّ: يُبعثُ آكل مال اليتيم يوم القيامة والدُّخان يخرج من دبره، ومن فيهِ وأنفه وأذنيه وعينيه، فيعرفُه النَّاس أنَّه كان يأكل مال اليتيم في الدُّنيا (٤).
* * *
(١) في (ف): "نارًا".
(٢) في (ر): "استدفأها".
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٦٣)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٤٤)، و"تفسير البغوي" (٢/ ١٧١).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٥٤).