إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} طه: ١٣١ فأَخبر أنه لم يعطِ للكرامة لكن للفتنة، والعقل (١) يأبى الرغبة فيما يُفتَن (٢) به دون ما يُكرم به.
ثم بيَّن الذي هو أولى بالتمنِّي، وهو قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} (٣).
ثم أمر بالسؤال من فضله لتوفيق ذلك، وهو قوله تعالى:
{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}: فإنه هو الموفِّق، قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} النور: ٢١.
وقيل: واسألوا من أفضاله مثل (٤) ما أعطى فلانًا الذي تتمنَّونه.
ثم إذا تمنى الرجل أن تزول نعمة الغير إليه فقد حسده، وإذا تمنى أن يبقى للغير ذلك ويكونَ له مثلُه فقد غبطه، والأول حرام، والثاني ضارٌّ لو لم يدفعه عن نفسه، ودفعُه: أن يرى فضل اللَّه على فلان، وأنه لا يَشُقُّ عليه ولا يَنْقُص من ملكه لو أعطى للمتمنِّي، فيرغب إلى اللَّه في سؤاله أن يعطيه مثله.
قال سفيان بن عيينة: لم يأمر بالمسألة إلا ليعطيَ (٥).
وقال الحسن: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه تعالى لَيُمْسِكُ الخيرَ الكثيرَ عن عبده، ويقول: لا أعطي عبدي حتى يسألَني" (٦).
(١) في (ر): "والعاقل"، والمثبت من (أ) و (ف) و"التأويلات".
(٢) في (ر): "يفتتن".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٣/ ١٤٨ - ١٥٠).
(٤) "مثل" من (أ).
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٣٠٠).
(٦) أورده الديلمي في "الفردوس" (٦٣٢) من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.