عليهنَّ، واتصالُها بأوَّل السُّورة أنَّ اللَّهَ تعالى أمرَ بالعدلِ بينَ النِّساء، وبيَّن هاهنا أنَّ الأمرَ بالإحسان إليهنَّ لا يوجِبُ تركَ تقويمهنَّ.
وقولُه تعالى: {قَوَّامُونَ} قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: أمراء (١).
وقيل: مسلَّطون.
وقيل أي: قائمون بتأديبهنَّ وتَدبيرهنَّ.
وقوله تعالى: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ أي: بتفضيلِ اللَّه الرِّجالَ على النِّساءِ بالعقلِ، والقُوَّةِ، والجماعات، والجُمُعات، والولايات، والشَّهادات، والجهادِ وملكِ النِّكاح، وملكِ الطَّلاق، وتضعيفِ الميراث، وكونِ الأنبياء منهم.
وقوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}؛ أي: وبأن نفقتهنَّ عليهم (٢)، ودلَّ على وجوب نفقاتِ الزَّوجاتِ على الأزواج.
وقال الشافعيُّ رحمه اللَّه: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}؛ أي: الأولياءُ هم الذين يَلونَ تزويجهنَّ دونهنَّ (٣).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ولا يَستقيمُ حملُها على الأولياء بدليل قوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، وذاك في حقِّ الأزواجِ دون الأولياء (٤).
ثمَّ بيَّن أنَّ النِّساءَ نوعان:
وذلك قولُه تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ}؛ أي: النِّساءُ
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٦٨٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٣٩) (٥٢٤٥).
(٢) قوله: "أي: وبأن نفقتهن عليهم" ليس في (ف).
(٣) انظر: "الأم" للشافعي (٦/ ٣١ - ٣٣).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ١٥٦).