وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: العظةُ كلامُ يُلَيِّنُ القلوبَ القاسيةَ، ويُرَغِّبُ الطبائعَ النَّافرة، وهي بتذكيرِ العواقِب.
وقوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}؛ أي: إذا لم يَنفعِ الوعظُ فأدِّبوهنَّ بالهَجرِ، وهو القطعُ، {فِي الْمَضَاجِعِ} جمعُ مضجع، وهو موضعُ وضعِ الجَنْبِ للنَّوم، وأصلُ التضجيع والإضجاع (١): الإمالة.
قيل: هو ألَّا يضاجعَها في مضجعٍ.
وقيل (٢): لم يُرِد به ليُبعِدها (٣) مِن مضجعِه؛ فإنَّه لم يقل: عن المضاجع، بل أرادَ أنَّهما يَجتمِعان في مضجعٍ، لكن يولِّيها ظهرَه، ولا يلازِمُها، ولا يَنبسِطُ إليها كما كان يفعلُهُ؛ إعلامًا بالعَتبِ والمؤاخذة (٤).
وقوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ}؛ أي: إذا لم تقع الكفايةُ بالهجران، فأدبوهنَّ بالضَّرب، وهو ضرب غيرُ خادشٍ ولا جارِحٍ ولا شائن.
وقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ}؛ أي: في الإجابةِ إلى الفِراش (٥)، {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}؛ أي: لا تَطلُبوا العِلَلَ، ولا تَذكروا ما قد كان.
وقيل: أي (٦): لا تُكلِّفوهنَّ محبَّةَ القلب (٧)، فليس ذلك بأيديهنَّ، واكتفوا منهنَّ بالطَّاعة، فللنَّاس مِن النَّاس ما يظهرون، وللَّه مِن النَّاسِ ما يُضمِرون.
(١) في (ر) و (ف): "والاضطجاع".
(٢) لفظ: "وقيل" من (أ).
(٣) في (أ): "تبعيدها" بدل: "ليبعدها".
(٤) في (ف): "والوجدة".
(٥) بعدها في (ف): "قوله تعالى".
(٦) لفظ: "أي" من (أ).
(٧) في (أ): "القلوب".