المفعولِ به، كما يُقال: هذا الدِّرهمُ ضربُ الأمير؛ أي: مضروبُه؛ أي: عذابُ اللَّهِ الذي أمرَ بإنزالِهِ مُنزَلٌ بهم لا محالة.
* * *
(٤٨) - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}؛ أي: هؤلاء اليهود مشركون، واللَّهُ تعالى لا يغفر الشِّركَ لمن ماتَ عليه، فأمَّا إذا أسلمَ فقد قال: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الأنفال: ٣٨.
وقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وهو يَعُمُّ الكبائرَ والصَّغائر؛ أي: هي في جوازِ المغفرة، لكنَّه معلَّق بالمشيئة، وإنْ ماتَ مُصِرًّا عليها (١) مِن غير توبةٍ. وهو ردٌّ على الخوارج والمعتزلة.
وذكر الكلبيُّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: أنَّ الآيةَ نزلتْ في وحشيّ، والقصَّةُ معروفةٌ، أنَّ قولَه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآيات الفرقان: ٦٨، نزلَت أوَّلًا، ثمَّ هذه الآيةُ، ثمَّ قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الزمر: ٥٣ (٢).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}؛ أي: اختلقَ أعظمَ الأكاذيب.
وقال القشيريُّ رحمَه اللَّه: مَن توسَّل إلى اللَّه بأعمالِه وصفاتِه، أو توهَّم أنَّ
(١) في (أ): "عليهما".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٣٢٤). والكلبي متهم بالكذب، وأبو صالح باذام مولى أم هانئ ضعيف يرسل، كما ذكرناه قبل.