وقيل: هو كقوله: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} الواقعة: ٣٠، وهو بخلافِ ظلِّ أهل النَّار، قال تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} المرسلات: ٣٠ - ٣١، وهو يَرجعُ إلى قوله: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} الإنسان: ١٣.
وقال البحَّاث (١): {ظَلِيلًا} تأكيدٌ لظلّ (٢)، كما يقال: شعرٌ شاعرٌ، وموتٌ مائتٌ.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {ظِلًّا ظَلِيلًا}: مُظِلًّا عن جميعِ المؤذيات، مِن حرِّ الشمس، وأذى الظُّلمةِ، وبردِ الزَّمان، ونحوِها (٣).
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: همُ اليومَ في ظلِّ الرِّعايةِ، وغدًا في ظلِّ الكفاية، بل هم في الدُّنيا والآخرة في ظلِّ العناية (٤).
* * *
(٥٨) - {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ
(١) في (ر): "الحارث البحاث"، وفي (ف): "الحارث". وهو -واللَّه أعلم- أبو جعفر محمد بن الحسن بن سليمان الزوزني الحاكم البحاث، أحد الفقهاء المبرزين، الأعيان المتفننين، تقلد القضاء في كور كثيرة بخراسان وبما وراء النهر، ذُكر أن تصنيفاته في التفسير، والحديث، والفقه، وأنواع الأدب، تربي على المئة، توفي سنة ٣٧٠ هـ). انظر: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن الصلاح (١/ ١٣١)، و"طبقات الشافعية الكبرى" (٣/ ١٤٣ - ١٤٥)، و"طبقات المفسرين" للداودي (٢/ ١٢٧ - ١٢٩).
(٢) في (أ): "للظل" وفي (ف): "ظليلًا تأكيدًا لظل" بدل من "البحاث ظليلًا تأكيد لظل".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٢٢٠).
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٤٠).