إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الآيات النساء: ٦١ (١)، فأقبل حاطبٌ إلى النبيِّ عليه الصلاة والسَّلام يعتذرُ عليه ويحلف إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا.
وهذا زلَّةٌ من الكلبيِّ؛ لأنَّ حاطبًا مِن أهل بدرٍ، وهو من المخلصين، وفي الآية نصٌّ على ذِكر المنافقين، وهو قوله تعالى: {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}، فالصَّحيح أنَّها في اليهوديِّ والمنافقِ على ما مرَّ (٢).
* * *
(٦٣) - {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}؛ أي: من النِّفاق.
وقوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}؛ أي: تولَّى عن معاقبتهم إلى وقتِ الأمر بالقتال.
وقوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}؛ أي: اقتصر على تخويفِهم سوءَ العاقبةِ للحال، وقل لهم فيما يَحِلُّ بهم مِن العذاب إن (٣) لم يَرجعوا قولًا (٤) يَبلغُ (٥) الإقناعَ، ورجلُ بليغٌ: يَبلغ بكلامه كنهَ ما في قلبِه، والبلاغةُ: إيجازُ اللَّفظِ، وحسنُ التَّرتيب، وبلوغُ المرادِ، والقولُ البليغُ: ما يَبلغُ تمامَ المقصود.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ٣٣٩ - ٣٤٠) عن الصالحي.
(٢) من قوله: "فكيف إذا أصابتهم" أثناء قول الحسن البصري في تفسير الآية السالفة إلى هنا ليس في (ر)، ووقع مكانه فيها: "وسألوا اللَّه مغفرةَ ما كان منهم من الشقاق"، وستأتي في موضعها.
(٣) في (ف): "إذا".
(٤) بعدها في (ف): "بليغًا".
(٥) في (أ) و (ر): "يبلغوا".