قوله تعالى: {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} أي: شفعَ لهم إلى ربِّهم.
وقوله تعالى: {لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} يَتوبُ عليهم ويَرحمُهم، فلا يُعذِّبهم.
ولمَّا كان الوعدُ هذا للمنافق إذا أخلصَ؛ فكيف بالمؤمنِ المخلصِ (١) العاصِي إذا تابَ وأصلحَ؟
وفيه بيان أنَّ المنافقين إنَّما يأتيهم ما يأتيهم بإصرارِهم وسوء اختيارِهم.
* * *
(٦٥) - {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ} رفعَ قدرَ رسولِه عليه الصَّلاة والسَّلام بإضافة نفسِه إليه في القسَم، و"لا" ردُّ لكلامِهم؛ أي: يَزعُمون أنَّهم مخلصون، ولا صدق في ذلك، وهذا الوجهُ أحسنُ مِن قولِ مَن يجعلُها زائدةً لا معنى لها، وعلى هذا قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ} القيامة: ١.
وقيل: ذُكِرَتْ "لا" في صدر الكلام؛ لأنَّ هذا القسمَ على أمرٍ منفيٍّ، ولمَّا بعدت عن الفعلِ؛ أُعيدَت في (٢) موضعها؛ {لَا يُؤْمِنُونَ}، ونظيرُه قولُه تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ} الحديد: ٢٩.
وقوله تعالى: {لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ}؛ أي: لا يكونون مؤمنين حتى يرضَوا بحكمِك.
(١) في (أ): "بالمخلص" وفي (ف): "بالمؤمن من المخلص و" بدل من "بالمؤمن المخلص".
(٢) في (ر) و (ف): "عن".