نفسِه على الكافَّة، إلَّا بعد الإيمان بمحمَّدٍ عليه الصَّلاة والسلام، فمَن لم يمشِ تحت رايتِه، فليس مِن اللَّه في شيءٍ، ثمَّ جعل من شرطِ الإيمانِ به زوالَ المعارِضاتِ بالكليَّة؛ بقوله (١) تعالى: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}، فلا بدَّ لك مِن تَلقِّي المهالكِ بقلبٍ ضاحك، كما قال قائلُهم:
وحبيبٍ إنْ لم يكُن منصفًا كنتُ مُنْصِفا... أتحسَّى لهُ الأمرَّ وأسقيه ما صفا
إن يقل ليَ اشتَوِ (٢) ... احترقتُ رِضًا لا تكلُّفا (٣)
* * *
(٦٩) - {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} وهذا أعمُّ من الأوَّل؛ أي: ومَن أطاعَ اللَّهَ تعالى ورسولَه مِنهم ومِن غيرهم، فعملَ بالشَّرائعِ، وانقادَ للأحكام.
وقوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: فهم في الآخرة مع الذين أتمَّ اللَّهُ عليهم النِّعمةَ.
وقوله تعالى: {مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ} التَّشديدُ للمبالغة في الصِّدقِ، كما في: الفِجِّير والفِسِّيق والشِّرِّيب، وهو الذي لم يَدعْ شيئًا أظهرَه بلسانه إلا حقَّقه بقلبِه وعملِه، وهذه صفةُ السَّابقين إلى متابعةِ الأنبياء، وهم أفاضلُ أصحابهم.
(١) في (ر) و (ف): "لقوله".
(٢) تحرفت في "لطائف الإشارات" إلى: "انشق".
(٣) "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٤٤).