وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا مرَّ بهدفٍ مائلٍ أسرعَ المشيَ (١).
وقوله تعالى: {فَانْفِرُوا} النَّفيرُ: الخروجُ إلى العدوِّ غزوًا، والنُّفور: النُّدود (٢)، والنَّفْرُ: رجوعُ الحاجِّ، وصرفُ كلِّه من باب: ضرب.
وقوله تعالى: {ثُبَاتٍ}؛ أي: جماعاتٍ في تفرِقةٍ (٣)، واحدتها: ثُبَة، وأصلُها: ثبية؛ بزيادة ياءٍ في آخرها، حُذِفت تخفيفًا، وتعاد في التَّصغير، فيمال: ثُبَيَّة، والفعل منه: ثَبيتُ؛ أي: جمعت.
وقوله تعالى: {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}؛ أي: مجتمعين (٤)، ومعنى الآية: اخرجوا إلى قتالِ العدوِّ فرقةً بعد فرقةٍ، أي (٥): اخرجوا إنْ شئتُم مجتَمِعين.
وقيل: أي: اخرجوا سرايا في جهاتٍ شتَّى، أو عسكرًا واحدًا في جهةٍ واحدةٍ، على حسب الحالةِ الدَّاعيةِ إليه.
وقيل: انفروا ثباتٍ إذا لم يَعمَّ النفير، أو انفروا جميعًا إذا عمَّ النفير.
وقال عبدُ الرَّحمن بنُ زيدِ بنِ أسلم: انفروا سرايا، إذا لم يَخرج النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو انفروا جميعًا إذا خرجَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} التوبة: ١٢٠، وهذا إذا خرجَ بنفسِه، ثمَّ قال: {وَمَا
(١) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (١٢٩٩) عن يحيى بن أبي كثير قال: بلغني عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وهو مرسل. والهدف كل شيء مرتفع من بناء أو كثيب رمل أو جبل. انظر: "الصحاح" (مادة: هدف).
(٢) يقال: ند البعير، إذا شرد ونفر. انظر: "الصحاح" (مادة: نفر).
(٣) في (ر): "متفرقة".
(٤) قوله: "أي مجتمعين" من (أ).
(٥) في (ر) و (ف): "أو".