(٨٥) - {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}.
وقوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} (١)؛ أي: في تحريضِ المؤمنين على الجهاد {يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}؛ لأنَّ الدالَّ على الخيرِ كفاعله.
وقيل: أي: يشفع إلى الأغنياء في تجهيزِ الغُزاةِ الفقراء، يكن له حظٌّ من ثوابِ ذلك، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن جهَّز غازيًا فقد غزا" (٢).
وقيل: مَن يَشفع إلى غيره في عفوٍ عمَّا يَصِحُّ العفوُ عنه، أو في صُلْحٍ (٣)، أو في قضاء حاجةٍ فله فيها ثوابٌ، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "إنَّ مِن أفضلِ الشَّفاعات أن يشفع بين اثنين في نكاح" (٤)، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشفعوا تؤجروا، ويَقضي اللَّهُ على لسانِ نبيِّه ما يشاء" (٥).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} وهي في تَجبين المؤمنين عن الجهاد على مقابلة القول الأوَّل، فيقول له: أولادُك صِغارٌ فارحمهم، ونفسُكَ ضعيفةٌ، والطَّريقُ بعيدٌ، وفي العدوِّ كثرةٌ، وفي المالِ قلَّةٌ، ونحو ذلك؛ يكن له حظٌّ من الوبال.
والكِفْلُ: الحظُّ (٦)؛ كالنصيب، وغايرَ بينهما للبلاغة. وقيل: الكِفْلُ: المِثلُ.
(١) "يكن له نصيب منها" ليس في (أ).
(٢) رواه البخاري (٢٨٤٣)، ومسلم (١٨٩٥) من حديث زيد بن خالد الجهني رضي اللَّه عنه.
(٣) قوله: "أو في صلح" ليس في (أ).
(٤) رواه ابن ماجه في "سننه" (١٩٧٥) من حديث أبي رُهم. وضعف إسناده الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه اللَّه في تحقيقه "سنن ابن ماجه".
(٥) رواه البخاري (١٤٣٢)، ومسلم (٢٦٢٧) من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه.
(٦) في (ف): "الخطيئة" بدل: "الحظ".