وحديثُ قراءة جماعةٍ مِن الصحابة على مجنونٍ هذه السورةَ وإفاقتِه مأثورٌ (١)، وهِبَةُ قومِه لهم غنمًا كثيرةً معروفٌ (٢).
وأمَّا (٣) سورةُ الصلاة: فلقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يقولُ اللَّه تعالى: قَسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين" وقد روَيناه.
وتسميتُها صلاةً لوجوهٍ:
أحدها: أنَّ الصلاةَ هي القراءةُ، قال اللَّهُ تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} الإسراء: ١١٠، فمعنى قوله: "قسمتُ الصلاةَ"؛ أي: قراءةَ هذه السورة.
والثاني: أنَّ الصلاةَ هي الثناءُ، قال اللَّهُ تعالى: {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الأحزاب: ٥٦ وهي الدُّعاءُ أيضًا، قال اللَّهُ تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} التوبة: ١٠٣ وهذه السورة ثناءٌ ودعاءٌ.
والثالث: أنَّ كمالَ الصلاةِ وجَمَالَها بهذه السورة، فسُمِّيت هذه السورةُ صلاةً؛ فإنَّها كلَّها هي تعظيمٌ لها (٤).
وفي فَضْل هذه السورةِ أحاديثُ كثيرةٌ:
منها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذه السورةُ لو كانت في التوراة لَمَا تهوَّد قومُ موسى، ولو
(١) "مأثورٌ": سقط من (أ) و (ف).
(٢) رواه أبو داود (٣٨٩٦)، والثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٢٩) من حديث عم خارجة بن الصلت، وإسناده حسن. ورواه الإمام أحمد في "المسند" (١٠٩٨٥) من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه في قصة أخرى، ورواه البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٢٠١)، من حديث أبي سعيد في قصة اللديغ بنحو قصة المجنون.
(٣) في (ر): "وأما قول تسميتها".
(٤) في (أ): "كأنها هي كلها تعظيمًا لها" وفي (ف): "كأنها كلها هي تعظيمًا لها".