(١٠١) - {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} وهذا من الأمور (١) التي يحتاجون إليها في جهادهم، يقول: إذا سرتُم في الأرض مسافرين؛ فلا مأثمَ (٢) عليكم في أنْ تنقصوا من أعداد ركعاتِ الصَّلاة، فتُصلُّوا الفرائضَ التي هي أربعٌ ركعتَين.
وقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: إنْ خشيتم أنْ يَقصدَكُم الكفَّارُ بقتلٍ أو جرحٍ أو أخذٍ.
ثمَّ الخوف شرطٌ لجوازِ القصر عند الخوارج بظاهر هذه الآية، وعند الجمهور ليس بشرطٍ، قال يَعلى بنُ أميَّة لعمرَ بنِ الخطَّاب رضي اللَّه تعالى عنه: ما بالُنا (٣) نقصُر وقد أمِنَّا؟ قال: عجبتُ ممَّا تعجَّبتَ منه، فسألتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "صدقةٌ تَصدَّق اللَّهُ بها عليكم، فاقبلوا صدقتَهُ" (٤).
وقالت عائشةُ رضي اللَّه عنها: فُرِضَت الصَّلاةُ ركعتين، ثمَّ أُقِرَّت صلاةُ السَّفر، وزيدَت صلاةُ الحضر (٥).
فأمَّا قوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ}؛ فليس للاشتراط، لكن لأنَّ حالَهم حين نزلَت الآيةُ كانت كذلك، فنزلَت على وفقِ الحال؛ وهو كقولِه تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ
(١) في (ف): "الأوامر".
(٢) في (ف): "إثم".
(٣) في (أ): "لنا".
(٤) رواه مسلم في "صحيحه" (٦٨٦).
(٥) رواه البخاري في "صحيحه" (٣٥٠)، ومسلم في "صحيحه" (٦٨٥).