الثانية بغير قراءةٍ؛ لأنَّهم لاحقون، ويُسلِّمون وينصرفون فيقفون بإزاء العدوِّ، ويجيء أولئك (١) فيصلُّون الرَّكعةَ الأولى (٢) بقراءةٍ؛ لأنَّهم مسبوقون، كذلك رواهُ ابنُ مسعود وابنُ عمرَ رضي اللَّه عنهم (٣).

وقال جابرُ بنُ عبد اللَّه رضي اللَّه عنه: غزونا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قومًا من جهينة، فقاتلوا قتالًا شديدًا، فلمَّا صلَّينا الظهر قال المشركون: لو مِلْنَا ميلةً واحدةً؛ لاختطفناهم (٤)، ونحن تركناهم حتَّى صلَّوا، وندِمُوا على تركِهم، فقال بعضُهم (٥): دعوهُم، فإنَّ لهم بعدَها صلاةً هي أحبُّ إليهم مِن آبائِهم وأبنائهم؛ يعنون: العصر، فلمَّا أرادَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ يصلِّيَ العصر؛ أنزلَ اللَّهُ هذه الآية، فصلَّى بهم صلاةَ الخوف على ما قلنا (٦).

وللشافعيِّ رحمه اللَّه مذهبٌ يتفرَّدُ به، ولما لكٍ كذلك، وفيه أقاويلُ أُخَر، شرحنا ذلك في كتاب الصلاة من "حصائل المسائل" (٧).

(١) في (ر): "الطائفة الثانية" بدل: "أولئك".
(٢) قوله: "الركعة الأولى" ليس في (ف).
(٣) رواه عن ابن مسعود أبو داود في "سننه" (١٢٤٤)، وعن ابن عمر البخاريُّ في "صحيحه" (٤١٣٣)، ومسلم في "صحيحه" (٨٣٩). وانظر: "المبسوط" للسرخسي (٢/ ٤٦).
(٤) في "صحيح مسلم": "لاقتطعناهم".
(٥) بعدها في (ر): "لبعضٍ".
(٦) خبر جابر رضي اللَّه عنه رواه مسلم في "صحيحه" (٨٤٠): (٣٠٨) بنحوه وليس فيه قولهم: دعوهم لإن لهم صلاة هي أحب. . .، وهي في "سنن الترمذي" (٣٠٣٥) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. وروى الطبري في "تفسيره" (٧/ ٤٠٦ - ٤٠٧) نحوه من حديث علي رضي اللَّه عنه، وفي إسناده سيف بن عمر التميمي، وهو متروك. انظر: "ميزان الاعتدال" للذهبي (٢/ ٢٣٦).
(٧) في (ر): "شرحناها في الفقهيات" بدل: "شرحنا ذلك في كتاب الصلاة من حصائل المسائل".