(١١٦) - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فسَّرناهُ في هذه السُّورةِ مرَّةً (١).
واتِّصالها بقصَّة طُعمةَ أنَّه أشركَ بعد الإيمان، وليس للمشركِ غفران.
وقال مقاتل: فخرج طعمة من مكَّة، ولحق بحرَّةِ بني سُلَيم، فعبدَ صنمَهم حتَّى ماتَ على الشِّركِ، فنزلَ فيه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٢)، فبيَّن أنَّ طُعمةَ لو لم (٣) يُشرِك، لكان في سَعَةِ رحمةِ اللَّه أن يَغفِر له.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}؛ أي: تَناهى تماديهِ في الضَّلال؛ إذ لا جهلَ أفحشُ مِن الجهلِ باللَّه (٤).
* * *
(١١٧) - {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا}.
وقوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا} أي: ما يَعبدون من دون اللَّه إلَّا أوثانًا، وهذا تعجيبٌ مِن بعضِ جهالات أهل الشِّرك، والدُّعاء: (٥) العبادة؛ لأنَّ من عبدَ شيئًا دعاهُ لحوائجِه ومصالحِه، يقول: إنَّهم مع إقرارهم بأنَّ اللَّهَ جلَّ جلالُه خالقُهم
(١) لفظ: "مرة" ليس في (ف). ومر تفسيره عند الآية (٤٨) منها.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٠٧).
(٣) بعدها في (ر): "يكن".
(٤) في (ف): "الشرك" بدل: "الجهل باللَّه".
(٥) بعدها في (ف): "إلى" وهي مقحمة أو محرفة عن "أي".