وقوله تعالى: {وَيَأْتِ بِآخَرِينَ}؛ أي: ويخلق قومًا آخرين أطوعَ منكم.
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا}؛ أي: على الاستبدالِ، ويجوزُ أنْ يكونَ خطابًا للكفَّارِ، وتخويفًا لهم، ويجوز أن يكون لكلِّ العصاة، وهو كقوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} التوبة: ٣٩، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} محمد: ٣٨.
وقيل: لمَّا نزلت هذه الآية ضربَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدَهُ على ظهر سلمان، وقال: "هم قومُ هذا" (١).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: لا نهايةَ للمقدورات، فإنْ لم يكن عمروٌ فزيدٌ، وإن لم يكن عبدٌ فعبيد، والذي لا بدلَ عنه ولا خلفَ هو اللَّه الواحدُ (٢) الأحد (٣).
* * *
(١٣٤) - {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}؛ أي: من طلبَ بعمله ثوابَ الدُّنيا، لم يَنلْه بإرادتِه وعملِه؛ فإنَّ ثوابَ الدُّنيا والآخرة بيدِ اللَّه تعالى، وهو المعطي، فليَطلب بعَملِه وجهَ اللَّه الذي يملكهُما؛ ليعطيَه إيَّاهما.
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا} للأقوال، {بَصِيرًا} بالأفعال، وهو وعدٌ ووعيدٌ أنَّه يَجزي كلًّا على وفق عمله.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٥٨٢).
(٢) بعدها في (أ): "القهار".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٧٢).