القسمة، والحقُّ سبحانه وتعالى لا يَهديهِم لقَصْدٍ، ولا يَدلُّهم على رُشْدٍ، فبَشِّرهُم بالفُرقة الأبديَّة، وأخبِرهُم بالعقوبةِ السَّرمديَّة (١).
* * *
(١٤٠) - {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} قرأ عاصمٌ بفتحِ النُّون والتَّشديد (٢)؛ أي: نَزَّلَ اللَّهُ تعالى، وقرأ (٣) الباقون: {نَزَّلَ} على ما لم يُسمَّ فاعلُه (٤).
وقوله تعالى: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا}؛ أي: إذا جلستُم أيُّها المخلِصون مع المنافقين، وسمعتموهم يَكفرون بالقُرآن ويَستهزؤون به.
وقوله تعالى: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}؛ أي: لا تَمكثو على القعود عندهم حتَّى يشرعوا في كلامٍ غيرِ الكفرِ والاستهزاء بالقرآن.
والخوضُ: هو الشُّروعُ، وأصلُه الخوضُ في الماء.
وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}؛ أي: إذا مكثتُم معهم فأنتم مثلُهم في الوزرِ، ولم يُرِد به التَّمثيلَ مِن كل وجهٍ؛ فإنَّ خوضَ المنافقين فيه كفرٌ، ومكثُ هؤلاء معهم معصيةٌ، وأرادَ به أنَّهم يَأثمون به إثمَ المعصية.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٣٧٥).
(٢) في (ر): "وتشديد الزاي" بدل: "والتشديد".
(٣) "قرأ" ليس من (أ).
(٤) انظر: "السبعة" (ص: ٢٣٩)، و"التيسير" (ص: ٩٨).