وقوله تعالى: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: باللِّسانِ دون الاعتقاد.
وقيل: أي: بما يُجهَر في الصَّلاة دون ما يُخَافَتُ بها.
وقال الحسن: أمَا واللَّه، لو كان ذلك القليلُ لوجه اللَّه لكان كثيرًا، يقول اللَّه تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} الزلزلة: ٧، ويقول: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} النساء: ٤٠.
* * *
(١٤٣) - {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}.
وقوله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} يقال: ذَبذبَهُ فتَذبذَبَ؛ أي: جعلَه مُضطربًا فاضطرب، قال النابغةُ:
ألم ترَ أنَّ اللَّهَ أعطاكَ سُوْرَةً... تَرى كلَّ مَلْكٍ دونَها يَتذبذبُ (١)
والذَّبذبُ: الذُّؤابةُ، سُمِّيَت به لتحرُّكِها، والذَّباذِب: أسافلُ الثوب لذلك (٢).
وقوله: {بَيْنَ ذَلِكَ} أي: بين ذينك (٣)، كما مرَّ في قوله: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} البقرة: ٦٨.
وقوله تعالى: {لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} هو تفسيرُ المذبذبين؛ أي: متردِّدين متحيِّرينَ، لا إلى المسلمين بالكُلِّيَّةِ ظاهرًا وباطنًا، ولا إلى الكفَّار كذلك.
(١) انظر: "ديوان النابغة الذبياني" (ص: ٧٣). قال شارحه: السَّوْرَةُ: المنزلةُ الرفيعة. وقوله: يتذبذب، أي: يتعلَّقُ ويضطربُ. وهذا مثَلٌ، وإنما يريدُ أنَّ منازلَ الملوك دون منزلته، فكأنَّهم متعلِّقون دونه.
(٢) "لذلك": زيادة من (أ).
(٣) في (ق): "الفئتين".