قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} الدَّرَكاتُ إلى أسفل، كالدَّرجاتِ إلى أعلى، والواحدُ درَكٌ ودَرْك بالفتح والسكون.
وقرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ (١) بالسكون، والباقون بالفتح (٢).
أخبر أنَّهم {فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}؛ أي: الطبقِ الأسفلِ من النَّار، وهو أشدُّ عذابًا، ولذلك قال سبحانه وتعالى خبرًا عمَّا يقول الكافرون في النار: {رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} فصلت: ٢٩.
وقال ابنُ مسعودٍ رضي اللَّه عنه: المنافقون في الدَّرك الأسفل من النَّار، في توابيتَ مِن حديدٍ مطبقةٍ عليهم (٣)، وهذا لأنَّ كفرَهم أفحشُ.
وقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}؛ أي: مانعًا من عذابِ اللَّه.
* * *
(١٤٦) - {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} استثنى التَّائبين منهم، ترغيبًا لهم في الرُّجوع، قوله: {تَابُوا}؛ أي: رجَعوا عن النِّفاق بالإخلاص، {وَأَصْلَحُوا} ما أفسَدوا مِن الأعمال، {وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ} اعتقدوا أنَّ العاصمَ هو اللَّهُ تعالى مِن المكاره، فلا يَعتصِمون بالخلق بعد هذا، كما كانوا يفعلونه قبل هذا، {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} عن (٤)
(١) في (ف): "قراءة عاصم غير حمزة والكسائي" بدل: "وقرأ حمزة والكسائي وعاصم".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٢٣٩)، و"التيسير" (ص: ٩٨).
(٣) رواه الطبري: (٧/ ٦٢٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٠٩٨) (٦١٥٣).
(٤) في (أ): "من".