(١٤٧) - {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}.
وقوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} استفهامٌ بمعنى الجحود؛ أي: لا يعذِّبُكم، {إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}؛ أي: آمنتم باللَّه تعالى وشكرتُم له بالطَّاعة.
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}؛ أي: يَجزيكُم على شكرِكم.
وقيل: الشُّكر مِن اللَّه تعالى: قَبولُ اليَسير مِن العمل، وإعطاءُ الكثيرِ من الثَّواب، وقوله: {عَلِيمًا}؛ أي: عالمًا بصنيعِكم، وبقدرِ جزائِكُم على أعمالِكُم.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {إِنْ شَكَرْتُمْ} نعمَهُ (١)، {وَآمَنْتُمْ}؛ أي: صدَّقتُم بأنَّ نجاتَكم باللَّه لا بشكركم، والشُّكرُ مِن العبد: شهودُ النِّعمةِ مِن اللَّه، والإيمانُ: رؤيةُ اللَّهِ في إعطاءِ النِّعمة، فكأنَّه قال: إنْ شاهدتُم النِّعمةَ مِن اللَّه، ثمَّ لم يَقطعْكُم شهودُ النِّعمةِ عن شهودِ المنعمِ.
قوله: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا} حقيقةُ الشكر: هو الثَّناءُ على المحسنِ بذكرِ إحسانِه، فالعبدُ يَشكرُ اللَّهَ؛ أي: يُثني عليهِ بذكرِ إحسانِه الذي هو نعمتُه عليه، واللَّهُ يَشكُرُ للعبد (٢)؛ أي: يُثني عليه بذكرِ إحسانِه الذي هو طاعتُه له، وقوله: {عَلِيمًا}؛ أي: يُثني عليه بطاعتِه، مع علمِه بالكثيرِ مِن أنواعِ معصيتِه (٣).
* * *
(١٤٨) - {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}.
(١) في (ف): "نعمته".
(٢) في (ف): "العبد".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٨٠).