وقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}؛ أي: بيانَ شرائعِ دينكم؛ لأنَّ الآيةَ نزلت بعرفات عامَ حجَّةِ الوداع، ولم يكن بعدَها شرعُ حكمٍ؛ قاله ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما (١).
وقيل: أي: أكملتُ لكم نصرةَ دينكم؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حجَّ مع أصحابِه، ولم يكن أحدٌ مِن المشركين جاء في ذلك العام للمنع.
وقوله تعالى: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}؛ قيل (٢): بالإسلام، قال تعالى: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} آل عمران: ١٠٣.
وقيل: هي جميعُ النِّعم؛ فإنَّها جنسٌ، قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} النحل: ١٨، وهو إنجازُ (٣) ما كان وعد: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} البقرة: ١٥٠.
قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: كان إتمامُ النِّعمةِ عليهم أنْ دخلوا مكَّةَ آمنِين، وحجُّوا (٤) مطمئنين، ولم يخالطهُم أحدٌ مِن المشركين (٥).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: لا يجوزُ أنْ يُقال: إنَّ الدِّين كان قبل ذلك اليوم ناقصًا أو غيرَ مرضي، لكن له وجوه:
أحدها: اليوم أكملتُ برسولِ اللَّه وبعثِه دينكُم، وبه أتممتُ عليكم نِعمَتي، ولا يكونُ اليومُ إشارةً إلى يومٍ بعينِه، بل إلى ذلك الزَّمان.
والثاني: أظهرتُ لكم دينكم وجعلتُ الغلبةَ لكم على المشركين.
(١) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٨٠).
(٢) في (ر): "أي" بدل: "قيل".
(٣) في (أ) و (ف): "إيجاز".
(٤) قوله: "وحجوا" من (أ).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٨٣).