قوله تعالى: {لَعَنَّاهُمْ} أي: طردناهم وبعَّدناهم عن الرَّحمة.
وقال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: عذَّبناهم بالجزيةِ.
وقال الحسن: مسخناهم (١).
وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} قرأ حمزةُ والكسائي: {قَاسِيَةً}، والباقون: {قَاسِيَةً} (٢)، والقاسيةُ أظهر، والقَسيَّةُ أبلغ، والقسوةُ: اليُبْسُ والصَّلابةُ، فلا تَلينُ، ولا تَنقاد لأحكامِ الدين (٣).
وقيل: القَسيَّةُ: الفاسدة، من قولهم: دِرْهمٌ قسِيٌّ؛ أي: فاسد.
وقوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}؛ أي: يُغيِّرون كلماتِ التوراة عن مواضعِها، و {الْكَلِمَ} جمع كلِمة، كالشَّجر جمعُ شجرة، ولذلك جعل لها مواضع، ولكن قال: {مَوَاضِعِهِ} ذهابًا إلى ظاهره؛ لأنَّه على وزنِ الكذبِ واللَّعب الذي هو واحدٌ مذكَّرٌ.
والتحريفُ له وجهان: كتابةُ غيرِها مكانَها، كما قال: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} البقرة: ٧٩.
والثاني: فسادُ التأويل.
وقوله تعالى: {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} أي: وترَكوا نَصيبًا ممَّا وُعِظوا به مِن الإيمانِ بمحمَّدٍ.
وقوله تعالى: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ}؛ أي: أبدًا تقِفُ على خيانةٍ منهم،
(١) انظر قولي ابن عباس والحسن في "تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٨).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٩٩).
(٣) في (ر): "اللَّه عز وجل" بدل: "الدين".