وغيَّروا، فقَطَعَ اللَّهُ احتجاجَهُم بهذا، {أَنْ تَقُولُوا} بمعنى: لئلَّا تقولوا، كما بيَّنَّا في قوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} النساء: ١٧٦.
{مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ}؛ يعني: نبيٍّ مبشِّرٍ بالجنَّةِ المطيعين، {وَلَا نَذِيرٍ} يُنذِر بالنَّارِ الجاحدين.
وقوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} هو محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فانقطعت حُجَجُكم، وبَطَلَتْ معاذيرُكم بإتيانِه وتبيانه.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} كانوا يقولون: لا رسولَ بعد موسى، فقال: إنَّ اللَّهَ قادرٌ على إرسالِ محمَّدٍ وإقامةِ المعجزاتِ له، كما كان قادرًا على إرسالِ موسى وإقامة المعجزاتِ له، وعلى كلِّ شيء (١).
وقال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما وقتادة: الفترةُ بين عيسى ومحمدٍ خمسُ (٢) مئةٍ وستُّون سنة (٣).
وقال الضحاك ومقاتل: ستُّ مئة سنة (٤).
وقال الكلبيُّ ومجاهدٌ: خمسُ مئةٍ وأربعون سنة (٥).
وقال الكلبيُّ: كان بين موسى وعيسى ألف وسبع مئة سنة (٦)، وكان بينهما ألف
(١) في (ف): "وهو على كل شيء قدير" بدل: "وعلى كل شيء".
(٢) في (أ): "ست مئة".
(٣) رواه عن قتادة عبد الرزاق في "تفسيره" (٦٩١)، والطبري في "تفسيره" (٨/ ٢٧٥).
(٤) انظر قول الضحاك في "تفسير الثعلبي" (٤/ ٤٠)، وقول مقاتل في "تفسيره" (١/ ٤٦٤).
(٥) انظر قول الكلبي في "تفسير أبي الليث" (١/ ٤٢٦)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ٤٠).
(٦) ذكره عن الكلبي الزمخشري في "تفسيره" (١/ ٦١٩).