(٢٤) - {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.
وقال الكلبيُّ: قالوا: يا موسى أتكذِّبُ عشرةً، وتُصدِّقُ اثنين؟ وعادوا إلى الكلامِ الأوَّل، وذلك قولُه تعالى: {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا}؛ أي: وإنْ كثُرَ القول، وامتدَّ الزَّمان.
وقوله تعالى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} مِن أهل الظَّاهرِ مَن حمل هذا على الظَّاهر، وقال: اعتقدوا في اللَّه الذَّهابَ، وهو كفرٌ مِنهم، لكن لا وجهَ لهذا؛ لأنَّهم لو قالوا ذلك اعتقادًا، وكفروا به لحاربَهم موسى عليه السلام، ولم تكن مقاتلةُ الجبَّارينَ أولى من مقاتلةِ هؤلاء، لكن له وجهان صحيحان:
أحدهما: اذهب أنت، وربُّك جلَّ جلالُه يعينُك على قتالِك، وهو كقوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} الأنفال: ١٧.
والثاني: {وَرَبُّكَ}؛ أي: سيِّدُك، وهو أخوك الأكبرُ هارون، اذهبا جميعًا فقاتلاهم، وقوله: {أَنْتَ} زِيدَ عمادًا لضمير {فَاذْهَبْ}، ويجوزُ في المرفوع إثباتُه وحذفُه، قال تعالى: {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا} النمل: ٦٨، وقال: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا} النمل: ٦٧، وفي المخفوضِ لا بدَّ مِن الإثبات؛ أي: لا بد من إعادة العامل (١).
وقوله تعالى: {فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} "ها" تنبيهٌ و"هنا" إشارةٌ إلى المكان الحاضر، وهناك إشارة إلى المكان الغائب، و {قَاعِدُونَ}؛ أي: مستَقِرُّون ثابتون، لا نَتقدَّم إلى بابِ بلدِهم، ولا نُقاتل أهلَه.
(١) قوله: "أي لا بد من إعادة العامل" من (ف).