وقيل: معناهُ: يُخالِفون اللَّهَ ورسولَه؛ فإنَّه لا محاربةَ بدون المخالفة.
ثمَّ جعلَ أخذَ مال المسلمين بغير حقٍّ محاربةً للَّه ورسوله بأيِّ طريقٍ كان، فقال في الأخذ قهرًا ومجاهرةً: {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، وقال في الأخذ لطفًا ومعاقدةً: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} البقرة: ٢٧٩.
وقوله: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}؛ أي: بفسادٍ.
وقيل: هو على الحال مصدرٌ بمعنى النَّعت، وتقديره: فاسدين أو مفسدين.
وقيل: هو مفعول {وَيَسْعَوْنَ}؛ بمعنى: يكسبون، كما قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} النجم: ٣٩؛ أي: كسبَ، وأصلُهُ المشيُ عن سرعةٍ، واستُعيرَ في الكسبِ والتَّصرُّف؛ لأنَّه به يَحصُلُ غالبًا.
وقوله تعالى: {أَنْ يُقَتَّلُوا} التَّقتيلُ: تكثيرُ القتل وتكريرُه.
وقوله: {أَوْ يُصَلَّبُوا} التَّصليبُ: تكثيرُ الصَّلْبِ وتكريرُه، وهو نوعُ قتلٍ يكونُ مع التَّعليق في جذع.
وقوله تعالى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} التَّقطيعُ: تكثيرُ القطعِ وتكريرُه، و {مِنْ خِلَافٍ}؛ أي: تقطع اليدُ اليمنى والرِّجلُ اليسرى.
وقوله: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} النَّفيُ: التَّبعيد، وقيل: هو التَّسييرُ في البلاد (١)، وتركُ التَّقرير في مكان، وقيل: هو الحبسُ في السِّجن.
و {أَوْ} في هذه الآية ليس للتَّخيير، بل هو للتَّفصيل، وقد بيَّنَّا وجوههُ (٢) في
(١) في (ف): "السير في الأرض" بدل: "التسيير في البلاد".
(٢) في (أ): "وجوه أو" بدل: "وجوهه".