وقيل: معناه: يكادونَ يَخرجون منها إذا رفعَتهم بلهبِها، وهو كقوله: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} الكهف: ٧٧.
وقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} وهذا الخلودُ للكفَّار، وصدرُ الآيةِ فيهم.
وقال مجاهدٌ: إذا أُخرِجَ (١) المؤمنون من النَّار، تمنَّى الكفار أن يكونوا مسلِمين، فذلك قولُه تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} الحجر: ٢ (٢).
وقال عوفٌ للحسن البصريِّ رحمه اللَّه: بمَ يدخلون النَّار؟ قال: بذنوبِهم، قلت: وبم يَخرجون؟ قال: بإيمانهم.
* * *
(٣٨) - {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} السَّرقةُ: أخذُ ما ليس له مستخفيًا، هذا هو حقيقتها لغةً، واستراقُ السَّمعِ كذلك، والسَّرقةُ الموجبةُ في الشَّرع للقطع: هي أخذُ النِّصابِ مِن الحرزِ على استخفاء، والسَّارقُ: الرجل الفاعل لذلك، والسارقةُ: المرأة، وبدأ بالرَّجل هاهنا، وبالمرأةِ في قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}؛ لأنَّ الدَّاعي إلى ذلك الفعلِ يَنشأ مِن جهتِها غالبًا، وهذا الفعلُ وهو السَّرقةُ وجودُه يكونُ مِن الرَّجل غالبًا.
وقوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أضافَ الأيدي إليهما، فيكون عن كلِّ واحدٍ منهما يدٌ واحدةٌ، كما في قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} التحريم: ٤، وتقديرُه: صغى قلبُ كلِّ واحدٍ منكما، فكذلك هاهنا، وتقديرُه: فاقطعوا يدَ كلِّ واحدٍ منهما،
(١) في (ف): "خرج".
(٢) روى نحوه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٤٢٩)، ومن طريقه الطبري (١٤/ ١١).