وقوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} استفهامٌ بمعنى الاستنكار؛ يعني: كيف يجعلونكَ حاكمًا فيَرضون بحكمِكَ، وعندَهمُ التَّوراة فيها حكمُ اللَّه، فلا يَرضون به؟
قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: هو الرَّجم (١).
وقوله تعالى: {ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}؛ أي: الرَّجم فلا يقبلونه.
وقوله تعالى: {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} للحال بكتابهم؛ لأنَّهم قد حرفوه.
وقيل: أي: لا يؤمنون في المستقبلِ بكَ وبكتابِك (٢)، وهذا في قومٍ عَلِمَ اللَّهُ منهم أنَّهم لا يؤمنون.
وقال قتادة: {فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} بيانُ ما تَشاجروا في أمر قتيلِهم (٣)، قال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، وهم يَقتلون النَّفسَين بالنَّفس، وفيها: العين بالعين، وهم يَفقَؤون العينين بالعين.
* * *
(٤٤) - {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٤٤٩) من قول السدي، وروى (٨/ ٤٤٨) عن ابن عباس أنه فسر حكم اللَّه بحدود اللَّه.
(٢) في (ر): "وبحكمك".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٤٤٨ - ٤٤٩).