وقوله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ} اتِّصافُهم بهذه الأوصافِ ممَّا آتاهمُ اللَّهُ مِن فضلهِ؛ ثوابًا لهم على حُسنِ نيَّاتِهم.
وقوله تعالى: {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} يُعطيه مَن يعلَمُهُ أهلًا له؛ باختيارِه طاعتَه، وكراهيةِ معصيته.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} يَسَعُ فضلُه جميع خلقِه، عَليمٌ بمَن هو مِن أهلِه.
وقال محمَّد بنُ كعبٍ القُرظي: هو في رِدَّة مقيس بن صبابة (١)، وطُعمةَ بنِ أُبيرِق، والعرنيين ورجالٍ معدودين، والقومُ الذين {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} أهلُ اليمن، قَدِموا وأسلموا، وهم ألفان أو ثلاثةُ آلاف (٢)، قال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتاكُم أهلُ اليَمَن، هم ألينُ قلوبًا، وأرقُّ أفئدةً، الإيمانُ يمان، والحكمةُ يمانية" (٣).
وقال عياض الأشعري: لمَّا نزلَ قولُه تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي موسى الأشعريِّ رضي اللَّه عنه: "هم قومُ هذا" (٤).
وقال الكلبيُّ: ارتدَّ بعد وفاةِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنو تميمٍ، وبنو حنيفةَ وأسدٍ وغطفان، وأناسٌ مِن كِندة، وفيهم الأشعثُ بن قيس، وبقيَ ثلاثةُ مساجدَ لم يَرتدُّوا بمكَّةَ والمدينة والبحرين، فأتى اللَّه بخيرٍ مِن الذين ارتدُّوا، فشدَّد بهم الدِّين، وهم أحياءٌ
(١) في (ف): "صبابة".
(٢) لم أقف عليه.
(٣) رواه البخاري في "صحيحه" (٤٣٨٨)، ومسلم في "صحيحه" (٥٢).
(٤) رواه الطبري (٨/ ٥٢١)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١٦٠) ٦٥٣٥، والطبراني في "الكبير" (٧/ ٣٧١) (١٠١٦)، والحاكم في "المستدرك" (٣٢٢٠)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٣٥١ - ٣٥٢). وهو حديث مرسل، كما جزم بذلك ابن أبي حاتم، فعياض بن عمرو الأشعري عنده تابعي، وهو الأصح، فلم تثبت صحبته، انظر: "تهذيب الكمال" (٢٢/ ٥٧١).