والرَّابع: أنَّه قال: {رِجْسٌ}.
والخامس: أنَّه قال: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}.
والسَّادس: أنَّه قال: {فَاجْتَنِبُوهُ} أمرٌ به وهو للإيجاب.
والسَّابع: أنَّه وعدَ الفلاحَ على ذلك، وإنَّما يُدرَكُ الفلاحُ باجتناب الحرام.
والثَّامن: أنَّه قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} وما يُؤدِّي إلى ذلك فهو حرامٌ.
والتَّاسع: أنَّه يَصُدُّ عن ذكرِ اللَّه تعالى وعن الصَّلاة، وذلك حرامٌ.
والعاشر: أنَّه أمرَ بالانتهاء عن ذلك، وإنَّما يَجبُ الانتهاءُ عمَّا هو حرامٌ، ونظيرُ قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قولُه: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} (١) الأنبياء: ٨٠، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} هود: ١٤.
وقال الإمام القشيريُّ رحمَه اللَّه: الخمرُ حرامٌ؛ لأنَّها تُزيلُ العقلَ، وتُورِدُ السُّكْرَ، ومَنْ سَكِرَ مِن خمرِ الغفلةِ فسُكرُه أصعبُ مِن سُكْرِ مَن شَرِبَ الخمرَ، وشربُ الخمرِ يُوجِبُ الحدَّ، وخمرُ الغفلةِ يُوجِبُ البُعدَ، ومَن سَكِرَ مِن الخمرِ فهو ممنوعٌ عن الصَّلاة، ومن سَكِرَ مِن الغفلةِ فهو محرومٌ عن الصِّلَات، وكما أنَّ السَّكرانَ لا يُقامُ عليه الحدُّ ما لم يفق، فالغافلُ لا يَنجعُ فيه الوَعْظُ ما لم يَنتبِه، وكما أنَّ الخمرَ سببُ كلِّ صغرٍ وذِلَّةٍ، فالغَفلةُ سببُ كلِّ بُعد وحَجْبةٍ (٢).
* * *
(١) "قوله فهل أنتم": زيادة من (أ).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٤٦).