بالطَّريق الأَوْلى؛ لأنَّ الكفارةَ لرفعِ الإثم، والإثمُ في العمْدِ أكثرُ، ولا يَرِدُ عليه قتلُ العمدِ أنَّه لا كفَّارة فيه؛ لأنَّ الشَّرعَ أوجبَ القِصاص، وهو أغلظُ مِن الكفَّارة، ولا شيء هاهنا، فلا معنى لمنعِ (١) وجوب الكفارة مع تَغلُّظِ الإثم.
وعن إبراهيم النَّخَعيِّ ومجاهدٍ وعطاء أنَّهم قالوا: عمده وخطؤه سواء (٢).
وقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} قرأ عاصمٌ والكسائيُّ وحمزةُ بالتَّنوين، و {مِثْلُ} بالرَّفع. وقرأ الباقونَ على الإضافة؛ بحذف التَّنوين وخفض {مثل} (٣).
واختلف الفقهاءُ في حكم هذه الآية، ويَختلفُ لذلك تفسيرُ الآية:
قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما اللَّه: إذا قتلَ صيدًا مأكولَ اللحم قوَّمهُ عدلان لهما بصرٌ في المكان الذي أصابَهُ، ثمَّ الخِيارُ بعد ذلك إلى القاتل، فإنْ بلغَتْ قيمتُه هَديًا؛ فإنْ شاءَ اشترى بها هديًا، فذبحَهُ في الحَرَمِ، فتَصدَّقَ به على الفقراء، وإنْ شاءَ اشترى بها طعامًا فتصدق به على كل فقير بنصف صاع، وإن شاء صامَ مكان كلِّ نصفِ صاعٍ يومًا، إن شاء متتابعًا وإن شاء متفرقًا (٤).
وقال محمَّدٌ والشَّافعيُّ رحمهما اللَّه: الخيارُ فيه إلى الحكمَين؛ فإنْ شاءا حَكما عليه بالهَديِ، وإنْ شاءا بالطَّعام، وإنْ شاءا بالصِّيام (٥)، فإنْ حَكما بالهَدي أوْجَبا مثلهُ
(١) في (أ): "لنفي".
(٢) هو قول الجمهور، ونسبه الجصاص في "أحكام القرآن" (٤/ ١٣٣) لعمر وعثمان، ورواية عن الحسن، وإبراهيم، وفقهاء الأمصار، ورواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٦٧٧) عن عطاء والزهري وسعيد بن جبير.
(٣) انظر: "السبعة" لابن المجاهد (ص: ٢٤٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٠٠).
(٤) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٤/ ٨٢ - ٨٤).
(٥) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٤/ ٨٤)، والصواب أن الشافعي قال: إن التخيير للمكفِّر. انظر: =