وقوله تعالى: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يُعْلِمُهم بما عَمِلوا، ثمَّ يَجزيهِم على ما عمِلوا.
* * *
(١٠٦) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} اختلفَت الرِّواياتُ في قصَّة نزولِ هذهِ الآية وتأويلاتُ أهل العلم فيها:
قال ابنُ عبَّاسٍ وأبو موسى الأشعريُّ وسعيدُ بنُ المسيَّبِ وسعيدُ بنُ جُبَير وشُرَيح وإبراهيم وعَبيدةُ ومحمَّدُ بنُ سيرين ومجاهدٌ وابنُ زيد رضوان اللَّه عليهم أجمعين: الآيةُ في المسلمِ يَحضرُه الموتُ في السَّفر، فيريدُ أنْ يُوصِيَ ويدفع مالَهُ إلى وصيٍّ، فإنْ حضرَهُ مسلمان، أشهدَهما على ذلك، وإنْ لم يَجِد مسلمَينِ أشهدَ كافرَين (١)، وشهادةُ الكافرِ على المسلمِ في مثل هذه الحالةِ جائزةٌ.
وقال بعضُهم: كان كذلك تمَّ نُسِخ، وبقيَ شهادتُهم على جنسِهم بهذه الآية.
وقال الحسنُ وعكرمةُ وعَبيدةُ السَّلمانيُّ والزُّهريُّ: بل الآيةُ في شهادةِ المسلمين، وقولُه تعالى: {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}؛ أي: مِن قبيلتِكم وعشيرتكم، {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}؛ أي: مِن غيرِ قبيلتِكم وعشيرتِكم (٢).
ومنهم من حمل الشَّهادة فيها على الإيمان، واتِّصالُها بما قبلَها أنَّ اللَّهَ تعالى بيَّنَ في هذه السُّورةِ المحرَّماتِ والمحلَّلات، ومنها: الجنايات في الأمانات (٣)، والآيةُ فيها.
(١) انظر: في "تفسير الطبري" (٩/ ٥٦ - ٥٧، ٦١ - ٦٧، ٧٢ - ٧٣).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٦٧ - ٦٩).
(٣) في (ر): "الخيانات والأمانات"، وفي (ف): "الخيانات في الأمانات".