(١٠٩) - {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.
وقوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ} ذَكرَ مِن أوَّل السُّورةِ إلى هاهنا الأعمالَ، وذكرَ هاهنا يومَ جزاءِ الأعمال.
و {يَوْمَ} نصب على الظرفِ لما قبله، قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي}؛ أي: لا يَهدي إلى الجنَّةِ {الْفَاسِقِينَ} في ذلك اليوم.
وقيل: أضمر فيه: واتَّقوا يومَ يَجمعُ؛ عطفًا على قوله: {وَاتَّقُوا اللَّه}، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} البقرة: ٢٨١.
وقيل: أضمر فيه: واذكروا يوم يَجمعُ اللَّه الرسل.
وقوله تعالى: {فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ}؛ أي: ماذا أجابتكُم أُممُكم، وهذا للاستشهاد، فإنَّهم شهداءُ على الأمم، قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} النساء: ٤١، ولا يقول في الابتداء للأمم: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} إهانةً لهم، كما قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} التكوير: ٨ - ٩، وقال لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} المائدة: ١١٦، وقال للملائكة: {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} سبأ: ٤٠.
وقوله تعالى: {قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا}؛ أي: يقولون، وذكر بصيغة الماضي؛ لأنَّه كائنٌ لا محالةَ، فهو كالموجود الآن، وإنما قالوا: لا علم لنا، عند بعضهم؛ لغلبةِ الهيبة؛ لما ذكرَ من الأهوال ومَخوْفِ الأحوال.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه (١): لو كان كذلك لم يتهيَّأ لهم الإجابةُ
(١) في (ف): "القشيري" بدل: "أبو منصور رحمه اللَّه"، وهو سبق قلم.