الأوَّلون، وهم الحاضرون، والآخِرون؛ أي: الذين يَأتون مِن بعد.
وقيل: أي: تكونُ المائدةُ طعامًا دائمًا لنا.
وقيل: أي: يَجتمعُ أهلُ مِلَّتِنا عليه قومًا بعد قومٍ، كما في الولائمِ العظيمة.
وقوله تعالى: {وَآيَةً مِنْكَ}؛ أي: علامةً شاهدةً على صِدقي، وإزالةً للشُّبهةِ والوَسواسِ.
وقوله تعالى: {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}؛ أي: أعطِنا ما سألناكَ، وأنت خيرُ المعطِين، تَبتدِئ بالعطيَّة قبل الاستحقاق.
ختمَ الدُّعاءَ بالثَّناءِ، كما بدأَ به (١) توسُّلًا إلى اللَّه تعالى بطلبِ الإجابة.
* * *
(١١٥) - {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}.
وقولُه تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} وعدَ الإنزالَ، وشرط عليهم شرطًا وهو قولُه تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}، وهذا وعيدٌ بالعذابِ بأبلغِ ما يكون، ثم قيل: أرادَ به عالمي زمانِهم، كما في قوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} البقرة: ١٢٢.
وقيل: أرادَ به كلَّ العالم؛ فإنَّه مسخهَم خنازير، ولم يمسخ قومًا كذلك قبلَهم ولا بعدَهم.
وقال الحسنُ البصريُّ وقتادةُ ومجاهدٌ رحمهم اللَّه: لمَّا سَمِعوا الشَّرْطَ خافوا فاستَعفَوا وقالوا: لا نُريدُها، فلم تَنزِل (٢).
وقال الحسن: لو نزلَت لكانت باقيةً إلى يوم القيامة؛ لأنهم قالوا: {تَكُونُ لَنَا
(١) في (ف): "بدأه" بدل من "بدأ به".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ١٣٠) عن الحسن ومجاهد.