البشريَّة، فهذا لم يَزل، وهذا لم يَكُن فحصَل، ومتى يكونُ البقاء للحدثان مع وضوحِ هذا السُّلطان (١).
* * *
(١٩) - {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} قال الكلبيُّ: أتى أهلُ مكَّةَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: أما وجدَ اللَّهُ رسولًا غيرَك، ما نَرى أحدًا يُصَدِّقُك لما تقول، ولقد سألنا عنك اليهودَ والنَّصارى، فزعموا أنَّه ليس لك عندَهم ذِكرٌ، فأرِنا مَنْ يَشهدُ أنَّك رسولُ اللَّه كما تَزعُم، فأنزل اللَّهُ تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} (٢).
ودلَّ هذا على أنَّه يَجوزُ إطلاقُ اسمِ الشَّيء على اللَّه عز وجل، فإنَّه عبارةٌ عن الموجود، واللَّهُ تعالى موجود، يعني: قل يا محمد للمشركين: أيُّ شيءٍ أعظمُ شهادةً في الصِّدقِ والصِّحَّة؟ فسيقولون: اللَّه؛ لأنَّ هذا قولُهم في الشِّرك.
وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}؛ أي: قل لهم بعد هذا: هو اللَّهُ شهيدٌ بيني وبينكم، على أنِّي قد بلَّغتُكم وتبرَّأتُ مِن أنْ أتَّخِذَ وليًّا غيرَهُ.
وقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ}؛ أي: وإنَّما أوحيَ إليَّ هذا الكتابُ، لأخوِّفَكُم به من عذاب اللَّه.
وقوله تعالى: {وَمَنْ بَلَغَ}؛ أي: وجميعَ مَن بلغَه هذا ممَّن غابَ عن بلدِكم، أو
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٦٤).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٤٠)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٠٨).