وقوله تعالى: {قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}؛ أي: فلا نفعَ لكم في هذا الإقرار، فدُوموا في هذا العذابِ بذلك الإنكار.
* * *
(٣١) - {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.
وقوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} الخسران: الهلاكُ وذهابُ رأسِ المال، وقد فاتَ هؤلاءِ خلاصُ أنفسِهم، ولزمَهُم هلاكُها.
قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ}؛ أي: بالبعثِ للحساب والجزاء، ويكونُ أيضًا برؤية اللَّه التي وعدَها للمؤمنين، وقد كشَفنا معنى الكلمةِ عند قوله: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} البقرة: ٤٦.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً}؛ أي: حتَّى إذا أتتهم القيامةُ فجأةً، وسُمِّيَت القيامةُ ساعةً؛ لسرعة الحساب فيها، قال تعالى: {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} الرعد: ٤١، كأنَّه قيل: وما هي إلَّا ساعةٌ حتَّى يحصلَ أهلُ الجنَّة في الجنَّة، وأهلُ النَّارِ في النَّار.
وقوله تعالى: {قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}؛ أي: يا ندامَتنا على ما قصَّرنا في حقِّها؛ أي: في حقِّ القيامةِ مِن الاستعداد لها، وتقديمِ الأعمال الصَّالحةِ لأجلِها، وحقيقةُ {فَرَّطْنَا} جعلنا غيرَنا الفارِطَ؛ أي: السَّابقَ إلى طاعة اللَّه، فحَصلنا مُتخلِّفين.
وقوله تعالى: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}؛ أي: وهم مع هذا التَّحسُّر يَحمِلون أثقالَ آثامِهم على ظهورِهم، وهو عبارةٌ عن لزومِ تلك الآثام لهم، وكونِهم مثقَلِين بها، مرتَهَنين بعذابِ اللَّه تعالى.