لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} الآية الصافات: ١٧١، وقولَه تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} المجادلة: ٢١ (١)، وقولُه: {مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} هو للتبعيض.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يقول: لستَ بأوَّلِ مُكذَّبٍ مِن الرُّسُل، بل كُذِّبَ إخوانُك قبلَك فصبروا، ولم يتركوا تبليغَ الرِّسالة، فعلى ذلك لا عذرَ لك في تركِ تبليغِها، ثمَّ وعدُهُم بالنَّصر يَحتمِل وجوهًا؛ فيحتمل نَصرَهُم بالحُجَج والبراهين، ويحتمل بالغلبة والقهر، ويحتمل بإهلاك الأعداء (٢).
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: يقول: إنَّ مَن سلكَ سبيلَنا؛ صبرَ (٣) على ما أصابَه في حديثنا، فلا خَسِرَت فينا صفقتُهم، ولا خفيَت علينا حالتُهم، وما قابلَ حكمَنا مَنْ عرفَنا إلَّا بالمُهَج، وما حملوا ما لقُوا فيه إلَّا على الحدق.
إن الأُلى ماتُوا على دينِ الهَوى... وَجَدوا المنيَّة منهلًا معسولًا (٤)
* * *
(٣٥) - {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ}؛ أي: ثَقُلَ.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٤٥).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٧١ - ٧٢).
(٣) في (ف): "صبرناه".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٦٩)، والبيت نسبه الوشاء في "الموشى" (ص: ٧١) لعمرو بن قنان.