وقوله تعالى: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} أنَّ اللَّهَ لو شاء لجمعَهم على الهُدى.
وقيل: {مِنَ الْجَاهِلِينَ} أنَّ بعضَهم يُؤمِنُ دون بعض.
قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: كان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحرِصُ على أنْ يؤمِنَ جميعُ النَّاس ويتابعوه على الهدى، فقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (١).
وهذا وقوله: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} يجوزُ خطابُه -صلى اللَّه عليه وسلم- به؛ لِما عُرِفَ أنَّه وإنْ كان معصومًا، ولكنَّ العِصمةَ لا تُزيلُ المِحْنةَ على ما عُرِف.
* * *
(٣٦) - {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} القولَ (٢)، يقول: إنَّما يَستجيبُ دعاءَك الذين يَسمعون دعاءَك للقَبول والانقياد، فأمَّا مَن ألِفَ الشِّركَ وتمادى في الطُّغيان، فلا.
وقيل: {يَسْمَعُونَ}؛ أي: يَنتفعون بالسَّماع.
وقوله تعالى: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} قال مقاتل: {وَالْمَوْتَى} يعني: كفَّار مكَّة، يَبعثُهم اللَّهُ في الآخرةِ، ثمَّ إليه يُردُّون، فيَجزيهم بأعمالِهم (٣).
وقيل: هو (٤): ابتداءٌ، وهو على حقيقة الموت.
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٨٤ - ١٢٨٥) (٧٢٥٠).
(٢) لفظ: "القول" من (ف).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٥٩).
(٤) "هو": من (أ) و (ف).