بعثُها يومَ القيامةِ للقِصاصِ بين الجمَّاء والقرناءِ ونحو ذلك، ثمَّ تصيرُ ترابًا، وذلك قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} التكوير: ٥ (١).
والدَّليلُ على أنَّ الحشرَ هو البعثُ دون الموت قولُ اللَّه تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا} (٢) ونظائرها، كقوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} (٣) الصافات: ٢٢.
* * *
(٣٩) - {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}؛ أي: بالقرآنِ، وبمحمَّدٍ، وبالبعثِ بعد الموت.
وقوله تعالى: {صُمٌّ وَبُكْمٌ}؛ أي: يَتصامُّون عن سماعِ الحقِّ، ويَتباكمون عن القولِ بالحقِّ.
وقوله تعالى: {فِي الظُّلُمَاتِ}؛ أي: هم في ظلماتِ الكفر.
وقوله تعالى: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ أي: من عَلِمَ منه اختيارَ الضَّلالِ، شاء ضلالَهُ، وخلقَهُ فيه، ومَن عَلِمَ منه اختيارَ الاهتداء، شاءَ اهتداءَه، وخلقَه فيه.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٧٨٧)، والطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٣٦) عن أبي ذر مرفوعًا، وقول أبي هريرة سلف قريبًا.
(٢) في النسخ: "للملائكة" بدل: "للذين أشركوا"، والمثبت هو الصواب.
(٣) قوله: "كقوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} " من (ر).