لاتِّباعِكم لي وطاعتِكم (١)، لكن أقولُ: أنا بشرٌ مثلُكم يوحى إليَّ، ما أتَّبعُ إلَّا الوحيَ، لتَعلموا أنِّي صادقٌ في قولي، مُحِقٌّ في دعواي (٢).
وتعلَّقت المعتزلةُ بظاهرِه في تفضيلِ الملَك على البشر، وليس لهم به متعلَّقٌ لما قلنا: إنَّه أرادَ (٣) قوَّةَ الملَك في البطش، أو اختصاصَهُ بمشاهدةِ ما في السَّماء، دون الفضلِ والقَدْر.
وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ}؛ أي: فأبصروا رشدَكم بقبول إنذاري؛ فإنَّه لا يَستوي الأعمى عنِ الرُّشد والبصيرُ بالرُّشد، أفلا تتأمَّلونَ بقلوبِكم ما فيه رُشدُكم؟
قال قتادة: {الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}: الكافرُ والمؤمن (٤).
وقال سعيد بن جبير ومجاهد: الضَّالُّ والمهتدي (٥).
وقال مقاتل: أفلا تتفكرون أنهما لا يستويان (٦).
وقيل: هذا استفهامٌ بمعنى الأمر؛ أي: فتفكروا.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: أي: لا أتخطَّى خطِّي، ولا أتعدَّى حدِّي، ولا أثبتُ شيئًا مِن ذات نفسي، وما أتَّبع إلَّا أمرَ ربِّي (٧).
(١) بعدها في (ر): "منا".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٨٩).
(٣) بعدها في (ر): "به".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٥٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٩٦) (٧٣٢٣)، (٧٣٢٥).
(٥) ذكره عنهما الواحدي في "البسيط" (٨/ ١٥٤)، ورواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٥٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٩٦) (٧٣٢٢)، (٧٣٢٤) عن مجاهد.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٦٢).
(٧) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٧٤).