ويتَّبِعَ غيرَه، وفيه تسفيهُهم على التَّعريض، ولهذا قال: {قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ} (١).
وقوله تعالى: {وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي} قال الزَّجَّاج: البيانُ والبَيِّنةُ واحدٌ، فلذلك ذكَّرَ (٢)، وهو كقوله: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} الكهف: ٩٨؛ لأنَّه (٣) بمعنى الإنعام.
وقيل: أي: كذَّبتُم بمدلولِ البيِّنةِ.
وقيل: أي: كذَّبتُم بربِّي؛ لأنَّه قد سبقَ ذِكرُه.
وقوله تعالى: {مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ}؛ أي: مِن العذاب.
وقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}؛ أي: ما القضاءُ إلَّا للَّه في إنزالِه وتأخيرِه وفي كلِّ شيء.
وقوله تعالى: {يَقُصُّ (٤) الْحَقَّ}؛ أي: يُتِمُّ الحقَّ، وقيل: يَحكُم بالحقِّ.
ومعنى قوله: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} مع أنَّ القُضاةَ لهم أحكامٌ نافذةٌ: أنَّ الحكمَ الذي يَفصِلُ الحقَّ (٥) مِن الباطل على الحقيقة هو للَّهِ عزَّ وجلَّ وحده.
وقرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وأبو جعفر (٦) وعاصمٌ: {يَقُصُّ الْحَقَّ} بالصَّاد (٧)، من: قَصَّ يَقُصُّ؛ أي: يُخبِرُ بالحقِّ، ولا خُلْفَ في وعدِه ووعيده (٨).
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٩٧)، وما سلف بين حاصرتين منه.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٥٦).
(٣) في (ف): "الآية" بدل: "لأنه".
(٤) كذا في النسخ، وهي قرأءة أبي عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي، وستأتي قراءة الباقين قريبًا.
(٥) في (ر): "الحقيقة".
(٦) قوله: "وأبو جعفر" من (ف).
(٧) انظر: "السبعة" (ص: ٢٥٩)، و"التيسير" (ص: ١٠٣)، و"النشر" (٢/ ٢٥٨).
(٨) قوله: "ووعيده" ليس في (ف).