ومن العبودة: الرِّضا بلا خُصومةٍ، والصبرُ بلا شكايةٍ، واليقينُ بلا شبهةٍ، والشهود بلا غَيبةٍ، والإقبال بلا رجعةٍ، والاتصال بلا قطيعةٍ.
وقيل: حقيقةُ العُبودةِ: تركُ الدعوى، واحتمالُ الأذى، وحبُّ المولى.
وقيل: هي أن لا يكونَ عندك للدنيا خطرٌ (١)، ولا للكونَين في قلبك أثر.
وقيل: هي حفظُ الحدود، والوفاءُ بالعهود، والرضا بالموجود، وتركُ طلَبِ المفقود.
وقال شقيق: هي تركُ الدنيا لأهلها، وطلبُ الآخرة بحقِّها، وأنْ تجعلَ هواك تحت قضاءِ اللَّه تعالى ورضاهُ، والاستعدادُ للموت والقيامة.
وقيل: علامتُها: أن لا يزيدَ في رِفعتك إلا زدتَ في التواضع، ولا يزيدَ في مالكَ إلا زدتَ في السَّخاوة، ولا يزيدَ في عمرك إلا زدتَ في الطاعة.
وقيل: هي رؤيةُ المنَّةِ، وجهدُ الخدمةِ، وخوفُ الخاتمة.
فالأول: للخليل حيث قال: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات الشعراء: ٧٨.
والثاني: للحبيب حيث قام حتى تورَّمتْ قدَماهُ.
والثالث: ليوسف الصديق حيث قال: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} يوسف: ١٠١.
ثم العبادةُ أمرٌ خلَق اللَّهُ الجنَّ والإنس ليأمرهم بها، فقال (٢): {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات: ٥٦، وأَمر بها الناسَ على العموم فقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ
(١) في (أ): "حظ".
(٢) في (أ): "قال"، وكلمة "بها" ليست في (ف).