فقيل: إنهم قد علِموا بذلك يومَ بدر، ويجوزُ أن يكون بعضُ وعيدِهم يَتحقَّقُ في الآخرةِ، أو (١) يتحقَّقُ كلُّه يومئذٍ.
وقيل: أي: لكلِّ وعدٍ ووعيدٍ مِن اللَّه وقوعٌ واستقرارٌ، {وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} إذا نزلَ، وهو كقوله: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ص: ٨٨، وقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} الأعراف: ٥٣.
وقال الحسن: أي لكلِّ عملٍ جزاءٌ، فمَن عملَ خيرًا جُوزِيَ به الجنَّةَ، ومَن عملَ سوءًا جُوزيَ به النَّار، {وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} يا أهلَ مكَّة (٢).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يَحتملُ أن يكون هذا صلةَ قوله: {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}، لكن {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ}؛ أي: لم أسلَّط على قتالِكم الآن، {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ} في أن أغنمَ أموالَكم، وأسبيَ ذراريكم إذا وردَ الأمرُ بالقتال (٣).
* * *
(٦٨) - {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} قال الحسنُ وقتادةُ ومجاهدٌ وسعيدُ بنُ جبير: هو خوضُ تكذيبٍ واستهزاء (٤).
وقال ابنُ عبَّاس: أمرَ اللَّهُ رسولَه: إذا رأيتَ المشركين يُكذِّبون بالقرآن وبك،
(١) في (ف): "أي".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٥٦).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١١٨).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٣١٣ - ٣١٤) عن قتادة ومجاهد وسعيد بن جبير.