وَذَكِّرْ بِهِ} يتَّصل بقوله: {وَلَكِنْ ذِكْرَى}، ويُبيِّنُ أنَّ التَّذكيرَ يجبُ أن يكون بالقرآن، وهو كقوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}.
وقوله: {وَذَرِ}؛ أي: اترك محاجَّةَ هؤلاء بإيرادِ الحُجَجِ عليهم؛ لأنَّها إنَّما تَنفعُ لمَن تدبَّر وتَفكَّر، وطلبَ الحقَّ بدلائلِه، وهؤلاء الخائضونَ اتَّخذوا دينَهم عبثًا، لا يَقصِدون طلبَ الحقِّ، ولا يطلبونَ دلائلَه، ولا يُفكِّرون في معادٍ ولا جزاءٍ ولا حساب.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ويَحتملُ التَّقديمَ والتَّأخير: وذرِ الذين اتَّخذوا اللهوَ واللَّعِبَ دينًا، حتَّى لا يفارقون ذلك (١)، كالدِّين الذي يُتَّخذُ للأبد.
ويحتمل {اتَّخَذُوا دِينَهُمْ}: ما هويَتهُ أنفسُهم، ودعَتْهم إليه الشَّياطين، ومَن فعلَ ذلك فهو عابثٌ لاعب (٢).
وقوله تعالى: {وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} أوهمَهم الشَّيطانُ أنَّ ما أُعطوا فيها مِن رئاسةٍ على الضَّعفة، ووُسِّع لهم فيها مِن الرِّزق، وأُطيل لهم في البَسطة، إنَّما هو لكرامتِهم على اللَّه.
ويجوز أن يكون قوله: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} وعيدًا؛ لقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} الحجر: ٣.
وقوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ}؛ أي: وعِظْ بالقرآن.
وقيل: خوِّف بالحساب، فقد سبقَ ذِكْرُه.
وقوله تعالى: {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ}؛ أي: خوفَ الإبسال.
(١) بعدها في (أ): "كله".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٢١).